أتمنى أن لا يفهم احد من كلامي باني ضد الحوار أو المشروع الحضاري في التفاهم بين بني البشر بأصنافهم وألوانهم المختلفة، ولكني استعجب من الذين يعملون على الصعود إلى الطوابق العليا في الأمور وهم لم يمهدوا الطريق في أساسه.
فنحن امة الإسلام كما يصفها الباري عزوجل بقوله(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ) آل عمران 110، مازلنا وللأسف الشديد نعتبر الحوار في داخل بيتنا الكبير مشكلة لا يمكن إسقاطها على ارض الواقع، ومجرد الحديث عنها يعتبره البعض خلق فتنة بين مذاهب هذه الأمة رغم إن الفتنة قائمة بشخوص وأحداث لا يمكن تجاوزها إلا بالحوار المتبادل والاستماع للجميع بلغة الحوار الهادئ وبعيدا عن التشنج والتعصب والعنف الأعمى.
لذا ومن هذا المنطلق كان من الأولى بنا ترتيب بيتنا الإسلامي بجميع مذاهبه وبألوانه المتعددة قبل الانفتاح على الآخر إلابعد فكرا ومنهجا، فماذا سنقدم لنظائرنا في الإنسانية المعتنقون لغير ديننا؟، هل نقدم لهم اختلافاتنا على ابسط الأمور؟, أم نريهم ما فعلته الفتن بأبناء البلد الواحد في العراق وما يراد لها أن تفعله الآن في دولة الكويت(حماها الرحمن وبلاد المسلمين من كل سوء).
علينا أيها الإخوة الجلوس مع أنفسنا أولا ومن ثم مع إخوتنا ثانيا لنرى من يصنع الفتن ومن هو المستفيد من بث الفرقة والاختلاف بين أبناء امتنا الواحدة، ونحن على أتم الثقة بان أصحاب الفكر المتشدد في جبال تورا بورا وبعد أن فشلوا بإقامة دولتهم التكفيرية هنالك يحاولون جهد الإمكان تأسيس موطئ قدم لهم في منطقتنا العربية، وهم إن نجحوا في ذلك فلن ينجو أحد من تكفيرهم كما شاهدنا في عراقنا الجريح حينما بدأوا بمهاجمة الشيعة بحجة الدفاع عن الطائفة السنية من شبح حكومة شيعية، ولكن ما أن فشلت خططهم وبعد إن تنبه لهم من جعل له الباري فكرا وعقلا رشيدا, حتى بدأوا بإعلان الحرب على من ادعوا بأنهم مدافعين عنهم.
فحذار يا أبناء الكويت أن ينصب أحدا نفسه مدافعا عنكم بدون وجه حق، فدولتكم دولة المؤسسات والقانون وهي الأحق والأجدر بما تراه، وليس بما يقوله (فلان وعلان)، الذي يتخذ من شيطانه القابع في جبال أفغانستان ربا يعبده ويحسب انه يحسن صنعا، فهؤلاء ليسوا من صحابة رسول الله بشيء، وما بالك بمن يكن العداء لآل رسول الله هل يحترم أصحابه؟
فليساهم الجميع وكلا من موقعه بوقف هذا المد المتشنج الذي يراد له خلق طالبان خليجية ليحول واحتنا الخضراء في دولنا العزيزة إلى بؤر للفقر والعوز كما أنتجها بنجاح ساحق في أفغانستان.
وأنا هنا لست بصدد الدفاع عن شخص بعينه أو تبرئته، فهذا ليس من اختصاص احد بقدر ما هي اختصاص القضاء الكويتي الذي يثق الأغلب بكفاءته، ولكني أشير إلى خطورة الحالة التي تمر بها دولة الكويت، والتي اعتقد إنها لا تقل خطورة عن غزو النظام البعثي الفاشي لدولتهم، إلا إن الثوب الجديد لهذه الأزمة يراد لها إن تكون من داخل البلاد.
الكرة الآن في ملعب البرلمان الكويتي والقيادة الكويتية بالذات، في أن تلجم أفواه الذين يحاولون إثارة الفتن باسم الدفاع عن الرسول الأكرم (ص) وعن صحابته وهم يستبيحون في الوقت نفسه دماء المسلمين وأعراضهم في أفغانستان والعراق وسائر البلدان الأخرى بحجة الجهاد الأعمى ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين.