قد يتصور المسؤول العراقي إن التظاهرات التي عمت جميع محافظات العراق ، هل تظاهرات وقتية لا تقدم ولا تأخر ، بقدر ما هي ردود فعل غاضبة بسبب قلة تجهيز المواطنين بالكهرباء مع ارتفاع درجات الحرارة .
لا .. يا عزيزي المسؤول أن تلك التظاهرات هي جرس أنذار لك بأن هناك مشكلة وخلل ويجب أن تعمل على معالجته .فقد أعطت المرجعية الدينية الضوء الأخضر لتلك التظاهرات وقالت في خطبتها : " إن الفساد المالي والإداري الذي يعتبر أم البلايا بالإضافة إلى وجود الإرهاب والانفلات الأمني الذي تعاني منهما مناطق مختلفة .. وبينت المرجعية " إن معظم المواطنين لازالوا صابرين محتسبين ولا يبخلون عن تقديم أرواحهم الجسيمة في محاربة الإرهاب الداعشي ولكن للصبر حدود حيث لا يمكن أن يطول الانتظار إلى مالا نهاية له " .
أن المواطن العراقي أصبح اليوم يعاني في معظم المناطق من نقص في الخدمات وبالخصوص الطاقة الكهربائية مع ارتفاع درجات الحرارة التي تصل إلى أكثر من 50 درجة . فكان من الأجدر على الحكومة المالكي التي حكمت أكثر من ثمان سنوات متتالية أن تولي اهتماما واضحا بهذه المشكلة ، وأن تتخذ خططاً صحيحة لسد النقص في الطاقة الكهربائية ، ولكن انتشار الفساد في ذلك القطاع وفي جميع القطاعات سبب حرمان المواطنين من توفر خدمة الكهرباء ، حيث توجد الكثير من ملفات الفساد في هذا القطاع دون أن تتخذ الجهات المعنية أي إجراءات تحد منه .
أن صبر المواطن العراقي قد نفذ ، لعدم قدرة الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 ولحد الآن على توفير أبسط احتياجات العيش الكريم . وما قول المرجعية الدينية ( للصبر حدود ) هي إشارة واضحة لانطلاق الشرارة الأولى لمحاربة الفساد والمفسدين وتقديمهم للمحاكمة مهما كان دينه أو مذهبه أو طائفته أو قوميته أو منطقته أو عشيرته أو حزبه أو تياره ، فأن الجرس قد دق عندهم ، وأصبحوا على المحك ، فلا أحد ينقذهم ، ولا ينفعهم تبريرهم ، فأن الشعب رفع شعار ( كلا .. للفاسدين ) ( الموت .. للفاسدين ) ( ولا رجعت .. للفاشلين ) .
أن على الحكومة تحقيق مطالب المواطنين وتوفير احتياجاتهم المشروعة ، وان التظاهرات التي عمت اغلب مدن العراق ، ما هي إلا جرس إنذار للفاسدين و سراق المال العام والفاشلين الذين سببوا بدمار البلد ، وجعلوا المواطنين أن يتظاهروا بالمطالبة بحقوقهم من خدمات وتوفير فرص العمل لكل العراقيين بطريقة عادلة بعيدا عن المحاصصة الحزبية ووفق تشريع مجلس الخدمة الوطني لتوفير فرص العمل ، فأن العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات .
لقد هدرت حكومة المالكي الآلاف المليارات الدولارات دون أن تخفف عن معاناة المواطنين ، ودون أن تضع خطط لمعالجة المشكلات رغم الإمكانات الكبيرة التي تتوفر لدى العراق من موازنات انفجارية وانتحارية ونكريه وحراميه ، ولكن كلها ذهبت إلى جيوب الفاسدين ليهربوا بها أو يهربوها خارج البلد .
أن استخفاف الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية بمطالب المواطنين وعدم تلبيتها أو التخفيف من معاناتهم ، سيؤدي إلى قرع جرس التغيير نحو اختيار الأشخاص الكفوئين والنزهاء بعيداً عن المحاصصة التي أوصلت الفاسدين والفاشلين إلى قيادة البلد . وبالقدر الذي ندعو فيه المسؤولين أن يتحسسوا معاناة المواطنين عليهم أن يعملوا على تحقيق مطالبهم وسد احتياجاتهم ، وإلا فأن رياح التغيير قد هبة ، وجرس الحساب قد دق ، ومصير الفاسدين والفاشلين قد بان ، فلا تنفع الأموال والأحزاب من أن تمنع من محاسبتكم .