كل انسان يحمل فكر او يستنبط فكرة تكون قوتها من قوة الادلة التي يعتمدها صاحبها فالواثق من فكره لا يحتاج لان يحرف او يجمل ما يعترض فكره من نقد او تعقيب .
الساحة الاسلامية تعج بالمذاهب والافكار وكل يريد اثبات احقيته ولهم الحق عندما يكون الاسلوب سليم وشرعي ولكن هنالك امر غاية في الغرابة لمن يمتلك فكر رصين يحاول ان ينمق او يجمل ما يتضمنه هذا الفكر وفي بعض الاحيان يتغافل عن ما يرد في فكره من مواقف تحتاج الى ايضاح خوفا من المترتب على الاثر والخوف ياتي عندما يجهل الاوليات او يعلم انه خطا لا يريد له ان يثار والتعامل مع هكذا افكار بهكذا اسلوب يزحزح الثقة بهذا الفكر فحتى لو كان الفكر متين واصيل الا ان ضعف من يحمل هذا الفكر في الدفاع او النقاش يجعل الطرف الاخر يشكك بالفكر لا بالمفكر .
وانا اطالع بعض كتب التاريخ وقفت عند معلومة بسيطة لا يترتب عليها اثر يغير الفكر ولكنني فوجئت ان البعض يرفض تناولها مثلا في كتاب الحسين واصحابه للمحقق السيد احمد الحسيني الاشكوري تطرق الى محادثة الامام الحسين عليه السلام وولده علي في الثعلبية عندما "قال علي لابيه : السنا على الحق؟ قال الحسين (ع): بلى والذي اليه مرجع العباد، قال : يا ابت لا نبالي نموت محقين ، فقال: جزاك الله من ولد خير ما جزى ولدا عن والده " يقول المحقق الاشكوري " لم اتحقق الى الان ان عليا هذا هو السجاد او علي المقتول ولا قرينة تدل على التعيين"
نعم قمت بمراجعة اغلب كتب المقاتل والتاريخ فلم اجد كتاب واحد يقول ان علي هو علي الاكبر بل فقط تذكر الكتب علي بن الحسين والبعض منها علي فقط ، ولكن كتاب موسوعة كربلاء للدكتور لبيب بيضوت ذكر علي الاكبر مستدلا بالمصدر لواعج الاشجان وعندما عدت للمصدر لم اجد علي الاكبر بل علي فقط .
هذه الرواية كثيرا ما تتناولها كتب التاريخ والخطباء وحتى الادياء الذين نظموا الشعر بالمناسبة اتضح فيها بحث ، البعض ممن اطلع على تحقيقنا هذا طلب عدم الخوض بهكذا بحث حقيقة استغربت الامر فسالته لماذا قال ان تبقى هكذا احسن .
عجبا لهذا الراي مهما يترتب من اثر على هذه الرواية فان الفكر الامامي اصيل بعقائده برجاله وبتاريخه ولا يحتاج لان يدس خبر او يجمل موقف ما .
البحث يجب ان يكون غايته البناء لا التنكيل والهدم كما يقوم به البعض ممن يعتبرون انفسهم محققين واذا ما عثر على ثغرة لا تعتمد مصدرا بدا بالتشكيك وتاويل افكار سلبية عن هذا المذهب او ذاك ، عندما تكون نية الباحث او المحقق الوصول الى الحقيقة التي تخدم المذهب والانسانية فمهما كانت النتيجة فهي تصب في الصالح العام ، واذا ساءت النية فالويل له مما يقول او يكتب
اتذكر في مجلس يضم بعض رجال الفكر وممن له خبرة بكتب التاريخ دار النقاش عن بنات الامام الحسين عليه السلام ومثل هذا الموضوع يحتاج الى بحث دقيق لانه يترتب عليه استنتاجات قد تلغي احداث تاريخية اصبحت متواترة الحديث بين ابناء الطائفة ، غلق النقاش احد الاخوة بعدم الحديث عن هذه المسالة .
انا اؤمن بالاية التي تقول لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وهذه الاية لا تخص التاريخ بل الاحكام الشرعية الحرجة فلو تجهلها هو الافضل عن مضمون هذه الاية قال أميرالمؤمنين عليه السلام: ان الله افترض عليكم فرايض فلا تضيعوها، وحد لكم حدودا فلا تعتدوها، ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها، وسكت لكم عن أشياء ولم يدعها نسيانا فلا تتكلموها ، وتفسير اخر نهاهم رسول الله عن كثرة السؤال لاسيما عن انسابهم ، اما الحديث عن حدث تاريخي ترتب عليه اثر قد يكون سلبا او ايجابا اعتقد من الاهمية البحث عن اصل هذا الحدث وبحيادية تامة