كريم الوائلي تسعى القوى السياسية وبالتزامن مع الانسحاب الأمريكي الى أثارة العواطف والعواصف في بيئاتهم السياسية لضمان حالة من الدعم الشعبي لاسناد حراكهم السياسي الذي فجره ما يقال عن الانسحاب الامريكي وكل في بيئته السياسية ، فالاكراد باشروا بدغدغة الاوتار القومية حول ما أسموه دولة كردستان الكبرى فيما شرع السنة العرب في اثارة الحس الطائفي والمناطقي واظهار انفسهم على انهم ((المكون المظلوم)) في العراق ، والجديد في الامر ان محافظة صلاح الدين التي لم تصوت على الدستور هي اول محافظة سنية تنوي تنفذ اهم بند من بنود الدستور واكثرها اثارة للجدل في الوسط السني ونعن به ما يخص اقامة الاقاليم ، وعلى الرغم من ان بواعث واسباب اعلان صلاح الدين اقليما هو - وفي المقام الاول - طائفي بأمتياز ويحمل بين طياته كل ما كان مسكوت عنه او ما يدبر بليل اليل وان قمصوه بالاحتجاج على المداهمات القانونية لعناصر حزب البعث المحذور إلاّ ان السبب المباشر لكل ذلك هو البحث عن ورقة بديلة لورقة الاحتلال واثارة التجاذب السياسي والتخوّف من مفاجئآة ما بعد الانسحاب الامريكي ومن فقدان فقدان بعض الجهات لمصالحهم وامتيازاتهم . ان المعلن من مواقف الكتل السياسية والمسكوت عنه يشير بما لا يقبل الشك الى رغبتها ببقاء قوات امريكية بالعراق بشكل او بآخر ولكل كتلة اسبابها المعروفة لكن الاهم من ذلك الآن وقبل نفاد الوقت هو شكل الاتفاق الجديد مع الولايات المتحدة بعد انتهاء مفعول الاتفاقية الامنية التي ستنتهي بحلول 31 - 12 - 2011 وعما اذا كان السيد المالكي سيذهب الى حصر الاتفاق بين وزارتي الدفاع في البلدين لتجنب المعوقات القانونية والمزايدات السياسية تحت قبة مجلس النواب ام الذهاب الى عقد اتفاقية جديدة وهو الارجح وان اكتنفه شيء من التعقيد . ولكن الامر برمته يدعو الى التمعن بالمخاوف من الانسحاب الامريكي وعما اذا كانت تلك المخاوف حقيقية ، وكذلك التحري فيما اذا كانت الولايات المتحدة ستنسحب فعلا الى خارج اما ان انسحابها الحقيقي الى الداخل ؟! . يبدو للمتمعن ان مذهبية الانسحاب الامريكي هو شكل من اشكال فك الاواصر لاعادة تشكيلها من جديد وتشير خارطة تفكيك الاواصر الى تمركز المنظومة الحربية الامريكية في مكان اقرب ما يكون الى العراق ، بل ، على قاب قوسين او ادنى من قلب العراق في الحسابات اللوجستية ، ونعني به قاعدة الجهراء في الكويت والتي تمثل اكبر قاعدة امريكية في الشرق الاوسط وعلى ذلك فأن المشهد العراقي سيظل تحت المظلة الامريكية بشكل لا يختلف اطلاقا عن ما كان عليه قبل الانسحاب وربما اكثر فعالية ودقة وذلك لوجود البنية التحتية للماكنة الحربية الامريكية في قاعدة الجهراء الامر الذي يمكن القوات الامريكية من الهيمنة على الكلي بدلا من الجزئي . وفي الوقت الذي تعمل فيه القوات الامريكية على تفكيك الاواصر (الانسحاب) تقوم في الوقت نفسه بتشكيل اواصر جديدة مخطط لها حتى قبل الاحتلال عام 2003 ، ويتمظهر هذا التشكيل ببناء اساس متين من الشراكة الاستراتيجية مع العراق على ان يكون قوام هذه الشراكة اقرب ما يكون الى رقابة واشراف على عمل الحكومة العراقية المنتخبة وقد انيطت هذه المهمة بالسفارة الامريكي التي اعيد هيكلها لتكون حكومة مصغرة تضم كل الاختصاصات التي تحتاجها الحكومات وبذلك يكون الوجود الامريكي مخمليا واكثر تمركزا وتأثيرا من التواجد العسكري . .