عاجل:
مقالات 2023-10-02 21:10 1071 0

شخصية النبي الأعظم والرد على بعض الشبهات؛ بقلم السيد منير الخباز

القرآن ليس منحازاً لـ شخصية النبي بمعنى أن القرآن الكريم يصوغ آياته على طبق شهوات النبي ورغباته، القرآن كما مدح النبي، خاطبه بأساليب فيها نوع من الشدة، علماؤنا يعبرون عنها بأنها إشفاق.

المقالات المنشورة تعبر عن وجهة نظر أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿مَا كَانَ محَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [الأحزاب: 40]

صدق الله العلي العظيم

انطلاقاً من الآية المباركة نتناول محاور ثلاثة:

  • أهمية ضبط النفس
  • معالم القيادة الروحية.
  • شخصية النبي الأعظم الروحية

المحور الأول: في أهمية ضبط النفس.

ما هو تعريف ضبط النفس؟ وما هي أهمية ضبط النفس؟ وما هي مكونات القدرة والملكة على ضبط النفس؟(1)

يذكر علماء النفس أن الضبط هو عبارة عن القدرة على التحكم في السلوك لتلافي الإغراءات وتحقيق الأهداف، كل إنسان يطمح أن يتحكم في سلوكه حتى يتلافى الإغراءات، ويكون مقتدراً على تحقيق أهدافه، هناك إنسان يريد أن يكون رياضياً، فحتى يكون رياضياً يحتاج إلى ضبط نفسه وضبط غريزة الإقبال على الطعام والشراب حتى يمتلك جسماً رياضياً، إنسان يريد أن يكون متألقاً في المجال الأكاديمي أستاذاً أو باحثاً يحتاج إلى أن يضبط غريزته وبعض رغباته وشهواته حتى يقتدر على أن يحقق طموحه وأهدافه.

الجمعية الأمريكية لدراسات علم النفس أقامت دراسات على مجموعات مختلفة ووصلوا إلى هذه النتيجة؛ أن الذين يمتلكون قدرة على ضبط غرائزهم ورغباتهم هم أكثر الناس صحة وأكثر الناس سعادة وأكثر الناس شعوراً بالاستقرار والاطمئنان، وأكثرهم تفوقاً في المجال الأكاديمي.

الإنسان الذي يسيطر على غريزة الطعام وعلى غريزة الجنس وعلى الشهوات ويتحكم فيها ويجعل مساره مساراً متوازناً هم أكثر الناس صحة وسعادة واطمئناناً وهدوءً ونتاجاً.

لاحظوا مراجعنا الأعلام يعيشون أعمار طويلة وبصحة جيدة، ويعيشون هدوء واستقراراً غريباً في أنفسهم، كما يعيشون غزارة في الإنتاج؛ لأنهم يمتلكون القدرة على ضبط النفس، ويمتلكون القدرة على ضبط الغرائز وتهذيبها وجعلها في مسار متوازن، فالقدرة على ضبط النفس هنا تبرز أهميتها.

مكونات القدرة على ضبط النفس

روي باوماستر أحد علماء النفس لديه نظرية عن مكونات القدرة على ضبط النفس

المكون الأول

تحديد الهدف؛ لابد أن تحدد لك هدفاً وتسعى لضبط نفسك من أجل تحصيل ذلك الهدف.

المكون الثاني

تجنب الإغراءات؛ هناك إنسان لا يستطيع أن يقاوم الوجبات السريعة، مع علمه بأنها تضر صحته، إذن الطريق هو تجنب الإغراءات أن لا تمر بأماكن الوجبات السريعة حتى تحتفظ بقدرتك على ضبط النفس أمام الاندفاع وراء الوجبات السريعة.

هناك إنسان يقول أنا لا أستطيع أن أترك التدخين مع علمه بضرره على صحته لأن الوسط الذي يعيش فيه وأصدقاؤه مدخنون، إذن يستطيع أن يتجنب هذا المحيط وهؤلاء الأصدقاء المدخنين حتى يستطيع ترك هذه العادة السيئة.

ونحن كمجتمع خليجي نخضع لإغراءات متعددة من كل جانب، المجتمع الخليجي يصرف أموال طائلة نتيجة الإغراءات والإعلانات التي ينقاد وراءها، فهنا المسألة تحتاج إلى ضبط النفس؛ أي ترشيد الاستهلاك وامتلاك القدرة على إدارة الثروة ووضع ضوابط للإنفاق، هذا ما يسمى بتجنب الإغراءات.

المكون الثالث

التخطيط؛ هناك إنسان يقول وظيفتي مختلطة فأنا مضطر لأجل وظيفتي أن أجلس مع المرأة وأكون معها علاقة ودية نتيجة أجواء العمل والوظيفة التي تفرض علي ذلك، إذن ينبغي لك أن تكون ذا تخطيط، تخطط لنفسك قبل أن تقتحم هذه الوظيفة كيف تختار أسلوباً مرناً لا يوقعك في علاقة غير مشروعة ويحفظ لك توازن شخصيتك، أي ينبغي أن تخطط لنفسك كيف تحافظ على ضبطها وضبط غرائزها ورغباتها وشهواتها.

المكون الرابع

المتابعة؛ هذا المكون ذكره علماء العرفان منذ مئات السنين قالوا عليك بتهذيب النفس كما قال تبارك وتعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا «7» فَأَلْهَمَهَا فجُورَهَا وَتَقْوَاهَا «8» قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا «9» وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا «10»﴾ [الشمس: 7 – 10].

وحتى تصل إلى نفس مهذبة وقادرة على التزكية عليك بأربع خطوات: محاسبة، معاتبة، مراقبة، مواظبة.

المحاسبة

عليك أن تحاسب نفسك عند أي خطأ تقوم به، كما تحاسب نفسك عندما تخطئ في الوظيفة وفي الدراسة، وعندما تخطئ في الامتحان، حاسب نفسك عند ارتكاب الذنب والخطيئة، ورد عن الرسول :“حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا”.

المعاتبة

لا يكفي أن تحاسب النفس بل لابد أن تقرعها وأن تشدد النكير على نفسك، لابد أن توبخها توبيخاً واضحاً حتى تستشعر نوعاً من الندم والخجل، نوعاً من الحسرة نتيجة ارتكاب الذنب.

المراقبة

مراقبة مسيرة النفس، هل أنها تسير في إطار الهدف المنظور، هل أن النفس لديها القدرة على ضبط الغرائز أم لا، لابد من المراقبة.

المواظبة

هناك شخص يقول أنا ضعيف أمام غريزة الجنس ولأجل ذلك ارتكب العادة السرية، أو لأجل ذلك أقيم علاقات غير مشروعة لأنني لا أستطيع ضبط هذه الغريزة، ولكن أنت تستطيع ضبط هذه الغريزة وذلك من خلال المحاسبة فالمعاتبة فالمراقبة فالمواظبة.

هناك مصطلح في علم النفس يسمى بتأجيل اللذة أو تأخير الإشباع؛ أي من أجل أن تحصل على المكافئة الكبرى أجِّل اللذة الوقتية، في تجربة قام بها عالم النفس والتر ميشيل أقامها على مجموعة من الأطفال تسمى تجربة مارشميلو، قال لهم: أنتم بين خيارين بين حلوى ساخنة عاجلة أقدمها لكم الآن وبين أن تنتظروا ساعة أو ساعتين ولكم مكافئة بنوعين من الحلوى.

فانقسم الأطفال إلى قسمين قسم لا يمتلك القدرة على تأجيل اللذة فانهمك في أكل الحلوى الشهية، وقسم حكَّم عقله وأجَّل اللذة وانتظر المكافئة.

ونتيجة هذه التجربة أن الأطفال الذين قاموا بتأجيل اللذة كانوا هم أكثر تفوقاً في المجال الدراسي والأكاديمي من القسم الآخر.

عندما يعوِّد الإنسان نفسه على ضبط غريزته ويعتاد عليها، يمتلك السيطرة على سلوكه وهو الأقدر نجاحاً في المجال الاجتماعي والأكاديمي.

المكون الخامس

التعويد على التأمل؛ والتأمل في علم النفس تقنية، أن تتأمل أولاً قبل أن تعمل وقبل أن تقوم بأي سلوك، ورد عن الرسول محمد :“ يا أبا ذر إذا هممت بأمر فتدبر عاقبته، فإن يك خيراً فامضه وإن يك شراً فانتهي عنه”﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ «17» الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأولَئِكَ هُمْ أولُو الْأَلْبَابِ «18»﴾ [الزمر: 17 – 18.

فحاول أن تمتلك القدرة على التأمل، التأمل ينضج الفكرة، التأمل يقيك من الأخطار، التأمل يجعل خطواتك خطوات مدروسة متأنية حتى تصل إلى أهدافك بجدارة واستحقاق، ولذلك نرى أن القرآن الكريم يرى أن تهذيب النفس والقدرة على ضبط النفس بالتوازن بين الأنفس الثلاثة: النفس الأمارة؛ وهي الشهوات الغرائز التي تلح على الإنسان أن يشبعها ﴿وَمَا أبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسّوءِ﴾ [يوسف: 53].

والنفس اللوامة؛ وهي الضمير الذي يؤنب الإنسان إذا تجاوز القانون والنظام ﴿لَا أقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ «1» وَلَا أقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ «2»﴾ [القيامة: 1 – 2].

والنفس المطمئنة؛ وهي العاقلة التي تمتلك تأمل ودراسة ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمطْمَئِنَّةُ «27» ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً «28»﴾ [الفجر: 27 – 28].

إذن القدرة على ضبط النفس هو بالتوازن بين نفس أمارة ونفس لوامة ونفس مطمئنة.

المحور الثاني: في معالم القيادة الروحية

الدكتور مشعل العيداني من جامعة الإمام محمد بن سعود في كلية العلوم قسم العلوم الاجتماعية عنده مدونة عن «القيادة نظرياتها وأنماطها»، يتحدث في هذه المدونة عن ما هو ميزان القيادة، وهنا يذكر نظريات أربع: المنصب، السمات، النتاج، تنوع المهارات.

النظرية الأولى

القيادة بالمنصب، من مَلَكَ منصباً مَلَكَ سلطة وقوة للأوامر والنواهي فملك أهلية القيادة.

النظرية الثانية

القيادة بالسمات لا بالمنصب، وهذه السمات هي الذكاء، الثقة بالنفس، روح المبادرة، الطموح، وقوة الإرادة، من امتلك هذه السمات كان مؤهلاً للقيادة.

النظرية الثالثة

القيادة بالنتاج، إما نتاج فكري فيكون قائد فكري، وإما نتاج اجتماعي له مواقف بطولية معروفة في الأحداث والمنعطفات، لذلك هو يمتلك قيادة اجتماعية، فالقيادة بالنتاج، كما ورد عن الإمام أمير المؤمنين علي يقول:“قيمة كل امرئ ما يحسنه”.

النظرية الرابعة

أن القيادة بتنوع المهارات، القيادة تخوض ميادين شتى فتحتاج إلى عدة مهارات: مهارة اجتماعية، مهارة نفسية، مهارة عقلية…، وتنوع المهارات هو الميزان في القيادة.

أمام هذه النظريات الأربع لدينا نظرية إلى توماس بيتر وهو أحد علماء الاجتماع يقول كل ذلك غير صحيح والصحيح هو أن القيادة هي جاذبية سحرية معينة يعبَّر عنها بالكاريزما، القيادة هي تلك الجاذبية السحرية المؤثرة على الناس.

ومن أعظم مقومات الجاذبية السحرية الطاقة الروحية، عندما ترى إنسان يمتلك طاقة روحية هائلة أي عنده سيطرة على شهواته وغرائزه ونزعاته، يمتلك طاقة روحية يجذب بها الناس إليه، ويؤثر في عواطف الناس ومشاعرهم.

والمسألة ليس لها ربط بالدين فحتى غير المتدينين يحترمون الإنسان المسيطر على غرائزه وشهواته ويمتلك قدرة نفسية هائلة في السيطرة على نفسه.

فهذا الشخص يمتلك قيادة لأنه يمتلك طاقة روحية جعلت له جاذبية سحرية لقلوب الجماهير.

هكذا كان النبي محمد ، محمد طاقة روحية هائلة، محمد إنسان سيطر على شهواته وغرائزه ورغباته، إنسان ملك الدنيا، الأموال تصب بين يديه وهو يعيش حياة الزهد والتقشف والعبادة والتهجد والإقبال على الله تبارك وتعالى.

وأعظم منك لم تر قط عيني                     خلقت مبرء من كل عيب

وأجمل منك لم تلد النساء                      كأنك قد خلقت كما تشاء

المحور الثالث: في الشخصية الروحية للنبي الأعظم

هناك شبهة أثارتها مجموعة من الأقلام، هذه الشبهة تقول أن النبي شخصية شهوية وليس شخصية روحية، النبي كان إنساناً يركز على إشباع غريزة الجنس ولم تكن له طاقة روحية مميزة.

لأننا إذا رجعنا إلى القرآن رأينا أن القرآن يصور النبي بشخصية شهوية، شخصية تعيش غريزة الجنس في كل حركاتها وسكناتها، وأن آيات القرآن على صنفين: الصنف الأول يتحدث عن الجنة من خلال الحور العين، وكلما تحدث عن الجنة ذكر الحور العين.

فكأن العبور إلى قلوب الناس وعقولهم من خلال غريزة الجنس، كأن القرآن يريد أن يشد الناس إلى دوحة الإيمان لا عبر العقل وإنما عبر التركيز على غريزة الجنس لأنه يجعل الجنة تساوي الحور العين، عندما يقول القرآن الكريم: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ «10» أولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «11» فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ «12» ثلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ «13» وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ «14» عَلَى سرُرٍ مَوْضُونَةٍ «15» متَّكِئِينَ عَلَيْهَا متَقَابِلِينَ «16» يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مخَلَّدُونَ «17» بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ «18» لَا يصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا ينْزِفُونَ «19» وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ «20» وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ «21» وَحورٌ عِينٌ «22» كَأَمْثَالِ اللّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ «23»﴾ [الواقعة: 10 – 23]

وفي آية أخرى: ﴿حورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ «72» فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تكَذِّبَانِ «73» لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ «74»﴾ [الرحمن: 72 – 74]

لغة الترغيب في القرآن

لماذا يستخدم القرآن لغة الترغيب في إشباع غريزة الجنس من أجل جذب الناس إلى دوحة الإيمان، هل هذا يعني أن النبي هو شخصية شهوية فأراد القرآن أن يعبر من خلال هذه الشخصية بهذا المنطق؟!

والصنف الثاني من الآيات هي الآيات التي تتحدث عن النبي في هذا الجانب ﴿يَا أَيّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أجورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: 50]

ثم يقول: ﴿ترْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهنَّ وَتؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [الأحزاب: 51]

ما هذا التعبير؟ كأن النبي إنسان لا شغل له إلا الطلاق والزواج، وأن الله أحل له من النساء وملك اليمين وامرأة مؤمنة وهبت نفسها للنبي كل ذلك خالص له من دون المؤمنين، فهذا تصوير للنبي تصويراً شهوياً غريزياً، وهذا يعني أن القرآن منحاز للنبي، وكأنه كتب وصيغ على طبق رغبات النبي!

وهذا يوجب التشكيك في مصداقية القرآن الكريم.

وللجواب عن هذه الشبهة لدينا عدة أجوبة

الجواب الأول

كثير من الناس يتصور أن الجنة هي مجموعة من اللذائذ والشهوات، الجنة تساوي حور عين وتساوي إشباع غريزة الجنس، وهذا تصور خاطئ، القرآن لم يصور الجنة بهذا النحو، الجنة في طرح القرآن الكريم لها بعدان: بعد مادي، وبعد روحي.

البعد المادي هو مجموعة من اللذائذ توفرها الجنة من أجل أن يعيش الإنسان توازناً في شخصيته عندما يشبع لذاته بطريقة صحية آمنة.

وهذا ما تحدثت عنه بعض الآيات التي قرأناها، ولكن البعد الروحي أهم في الجنة، الجنة ليست مهداً لإشباع الغرائز، الجنة لقاء الله، الجنة شهود آيات الله، الجنة استظلال بالألطاف الإلهية التي يغدقها الله من خلال الجنة، الجنة ليست مجرد لذائذ وشهوات.

لاحظوا القرآن الكريم كيف يعبر عن الجنة عندما يقول: ﴿وَعَدَ اللَّه الْمؤْمِنِينَ وَالْمؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: 72].

البعد الروحي للجنة

الرضوان أهم من هذه اللذائذ، وهذا هو البعد الروحي للجنة.

البعد الروحي للجنة ثلاثة مظاهر: رضوان، سلام، رفقة الأنبياء والأولياء.

المظهر الأول

الرضوان؛ أي أن تعيش لقاء الله لقاءً روحياً، أن تعيش الاستظلال بالألطاف الإلهية العميمة من خلال الجنة.

المظهر الثاني

السلام ﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا «25» إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا «26»﴾ [الواقعة: 25 – 26] أجواء اجتماعية متفاعلة.

المظهر الثالث

رفقة الأنبياء ﴿وَمَنْ يطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء: 69]

الجنة أن تعيش أجواء الأنبياء والمرسلين، أن تعيش السلام الروحي والنفسي، أن تعيش لقاء الله لقاءً روحياً مفعماً، هذه هي الجنة في الطرح القرآن، وليست الجنة مجرد مهدٍ لإشباع الشهوات والغرائز، لذلك ورد عن الإمام علي :“ركعة لي في دنياكم أحب إلي من الجنة وما فيها”أي هدفي هو لقاء الله وليس الهدف اللذائذ والشهوات التي يتصورها الناس في الجنة ويسعون إلى الجنة من أجلها.

الجواب الثاني

القرآن ليس منحازاً لـ شخصية النبي بمعنى أن القرآن الكريم يصوغ آياته على طبق شهوات النبي ورغباته، القرآن كما مدح النبي وقال: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4].

القرآن أيضاً خاطب النبي بأساليب فيها نوع من الشدة، علماؤنا يعبرون عنها بأنها إشفاق.

كما في قوله تعالى يخاطب النبي : ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾ [الأحزاب: 37].

فالقرآن الكريم يخاطب النبي ويقول له: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التحريم: 1]

ويقول له: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [طه: 131]

﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ﴾ [الأحزاب: 52]

﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: 65]

﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ «44» لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ «45» ثمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ «46»﴾ [الحاقة: 44 – 46]

كيف يكون إذن القرآن قد صيغ على طبق رغبات النبي! لو كان القرآن قد صيغ على طبق رغبات النبي وكان منحازاً إلى النبي لما خاطب النبي بهذه الآيات وهذه الأساليب، إذن هذه الشبهة أيضاً منتفية في حق القرآن الكريم.

الجواب الثالث

النبي الأعظم له عدة مقامات طرحها القرآن الكريم: مقام النبوة، مقام الرسالة، مقام القضاء، ومقام الولاية.

 مقام النبوة

يعني الوحي، يقول القرآن الكريم: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى «3» إِنْ هوَ إِلَّا وَحْيٌ يوحَى «4»﴾ [النجم: 3 – 4]

مقام الرسالة

أي أن النبي نزل عليه تشريع لائحة قانونية متكاملة ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران: 19]

مقام القضاء

القرآن الكريم يقول: ﴿وَمَا كَانَ لِمؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 36] قضاؤه نافذ.

مقام الولاية

القرآن الكريم يقول: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ [الأحزاب: 6] النبي له الولاية على الأنفس والأموال والأملاك، ومن ولايته أن له أن يتزوج أكثر من أربع زوجات.

فهذا مقتضى ولايته أباحه له القرآن الكريم لمصالح ضرورية اقتضتها تعدد الزوجات.

الجواب الرابع: ما هي المصالح والأهداف التي من ورائها تعددت زوجات النبي؟​

أغلب زوجات النبي كن مطلقات وثيبات وأرامل، وعدة من هؤلاء النساء أكبر من النبي سناً، ومن طرائف التاريخ تزوج النبي خديجة بنت خويلد وهي أكبر منه سناً.

بل في بعض الروايات أن عمره 25 سنة وعمرها 40 سنة، وعاش معها 25 سنة ولم يتزوج عليها، وعندما ماتت كانت مسنة.

ولذلك قالت بعض زوجاته ما تذكر في عجوز حمراء الشدقين أبدلك الله خيراً منها، قال: لا والله ما أبدلني الله خيراً منها آمنت بي حين كفر بي الناس، وآوتني حين طردني الناس، ورزقني الله الولد منها وحرمته غيرها، كانت خديجة أم فاطمة، وكانت خديجة مهد الأئمة الطاهرين المعصومين، فلما توفيت خديجة كان النبي في سن الخمسين ولم يبق من عمره إلا ثلاثة عشر سنة.

وتزوج سودة بنت زمعة وهي امرأة مسنة أكبر منه لأن زوجها مات في الحبشة فصارت بين أمرين إما أن ترجع إلى مكة فتتعرض إلى إيذاء المشركين وإما أن تبقى بلا كفيل.

فتزوجها النبي وحماها وكفلها وهي أكبر منه سناً.

زينب وجويرية

كما تزوج زينب بنت خزيمة وهي أرملة كبيرة زوجها عبدالله بن جحش، كان رجلاً ثري، وكان بيته ملاذ للفقراء والمحتاجين فكانت لها شخصية اجتماعية.

ولما توفي زوجها انكسرت شخصيتها الاجتماعية، لأن الناس هجروا بيتها فأراد النبي تعويضها عن ذلك.

فتزوجها وجعل لها ما كانت عليه أيام زوجها المتوفى.

تزوج النبي جويرية بنت الحارث سيد بني المصطلق، وهم قبيلة اصطدموا مع المسلمين فغلبهم المسلمون وأسروا منهم مئتي رجل وجاؤوا بهم إلى المدينة.

ففكر النبي في طريقة إلى جذب هذه القبيلة إلى الإسلام وقد أسر منهم مئتان فتزوج جويرية بنت الحارث سيد القبيلة فأطلق المسلمون الأسارى ودخلت القبيلة كلها في الإسلام.

تزوج النبي زينب بنت جحش وهي زوجة زيد بن حارثة.

وقد كان زيد بن حارثة من الموالي أخذه النبي وتبناه ورباه فكان الناس يطلقون عليه زيد بن محمد.

كذلك تزوج زينب بنت جحش وهي قرشية وزيد من الموالي فلم تهدأ العلاقة الزوجية بينهما إلى أن طلقها زيد.

فتزوجها النبي لا لأنها جميلة أو بارعة بل لقضية تشريعية أن أهل الجاهلية كانوا يقولون أنه يحرم على الرجل أن يتزوج زوجة ولده حتى لو كان ولداً بالتبني، أي يحرم على النبي أن يتزوج زوجة زيد لأنها زوجة ولده بالتبني.

فأراد النبي أن ينسف هذه العادة الجاهلية ويريهم أن الأب يمكنه أن يتزوج زوجة من تبناه، ولا يصح له أن يتزوج زوجة ولده الحقيقي فقط.

فنزل قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾ [الأحزاب: 37]

إذن النبي تزوج لأهداف اجتماعية، وأهداف دينية، وأهداف رسالية، نظر النبي إلى مجموعة من الأهداف التي أراد منها ترسيخ الدولة المحمدية التي بناها.

الجواب الخامس

لو كان النبي رجلاً شهوانياً لاختار الفتيات الجميلات الأبكار، خصوصاً أنه رئيس الدولة وبيده الثروات، ولو عرض نفسه للخطبة لهؤلاء الفتيات لتشرفن بالزواج منه، خصوصاً وأن النبي وإن كان قد بلغ الخمسين من عمره إلى أنه كان جميلاً بهياً جذاباً، فلو عرض نفسه لخطبة النساء لقبلته حتى الفتيات في ذلك الوقت، لكن النبي لم يقم بشيء من هذا، واقتصر على مجموعة من الأرامل والمطلقات ولم يكن فيهن أبكار إلا واحدة أو اثنتان تزوجهن النبي لتحقيق هذه المصالح الدينية.

وقد عشن زوجات النبي حياة الزهد والتقشف والحرمان من لذائذ الدنيا ومتعها، لأن النبي أراد أن يخبر الناس جميعاً أن تعدد زوجاته لم يكن لغرض دنيوي أو شهوي، لذلك أقام زوجاته على طريقه طريق الزهد والتقشف والبعد عن لذائذ الدنيا، لذلك قال تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كنْتُنَّ ترِدْنَ الْحَيَاةَ الدّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أمَتِّعْكُنَّ وأسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا «28» وَإِنْ كنْتُنَّ ترِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا «29»﴾ [الأحزاب: 28 – 29]

خيرهن النبي بين الطلاق أو حياة الزهد والتقشف، فاختاروا حياة الزهد وعاشوا نظام صارم ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا «32» وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى «33»﴾ [الأحزاب: 32 – 33]

الجواب السادس

المجتمع العربي مجتمع قبائلي عشائري يميل للتحالفات العشائرية، والنبي بتعدد الزوجات أقام تحالفات عشائرية وقبلية من أجل دعم الدولة التي أقامها، النبي كان يعطي المنافقين من الزكاة بصريح القرآن الكريم ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمؤَلَّفَةِ قلُوبُهُمْ﴾ [التوبة: 60].

من أجل وقاية خطرهم وجذبهم وتحببيهم إلى الدين، ومن أجل ترسيخ الدولة المحمدية، فكما كان النبي يعطي الزكاة لمجموعة من المؤلفة قلوبهم لترسيخ الدولة تعددت زوجات النبي كذلك لإقامة تحالفات عشائرية وقبلية حتى ترسخ دولته ويقي المجتمع الإسلامي من خطر الانقلابات التي تحصل هنا وهناك.

قال الرسول:“أحب من دنياكم ثلاث: الطيب، والنساء، وقرة عيني الصلاة”[2]  النبي إنسان وكل إنسان يحب المرأة ﴿قلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يوحَى إِلَيَّ﴾ [فصلت: 6].

فمن الطبيعي أن النبي يحب المرأة لكن هذا الحديث ليس ناظر إلى هذه النقطة بل هو تكريم للمرأة بأن وضعها في صف الصلاة، لا يوجد محبوب لدى النبي أعظم من الصلاة.

نبي الرحمة

فقد كان يقول: يا بلال أرحنا حتى ندخل في الصلاة، ولع النبي بالصلاة التي هي غذاؤه الروحي وقوام حياته إلا أن النبي جعل المرأة في مصاف الصلاة، وذلك إكراماً لها واحتراماً لشأنها، هكذا كان النبي ، النبي رحمة، يقول القرآن الكريم: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107] كان يفيض حناناً وعطفاً ورحمة على أمته.

في أيام الشتاء لبس بردة غليظة لتقيه من البرد فأقبل أعرابي وأمسك البردة وشدها على عنقه حتى أثرت في رقبته فقال: يا محمد أعطني من مال الله الذي ليس مالك ولا مال أبيك.

قال: صدقت، المال مال الله ولكن هل يقاد منك يا أعرابي ما فعلت بي؟ فقال: لا. قال: لم؟ ثم قال: لأنك لا تكافئ السيئة بالسيئة وإنما تكافئ السيئة بالحسنة وإنك لعلى خلق عظيم.

أول ما نزل النبي المدينة كان جاره يهودي وكان يؤذيه ويرمي القمامة في طريقه فقال له بعض الصحابة دعنا نكفيك منه يا رسول الله، قال: دعوه. إلى أن فقده يوماً قال: أين هو؟ قالوا: إنه مريض. فدخل عليه بيته يعوده ويؤنسه ويعينه حتى لم يتمالك الرجل قال: يا رسول الله أنت محمد رسول الله، الله أعلم حيث يجعل رسالته فيك.

النبي ذهب إلى الطائف يدعوهم إلى الإسلام فأمروا صبيانهم وسفهاؤهم بأن يرجموا النبي بالحجارة، فخرجوا يرجمونه من كل مكان بالحجارة والأشواك حتى دميت رجلاه فجاء واستند إلى حائط ورفع يديه وقال بكل هدوء وحنان: اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون.

السيد منير الخباز/موقع شبكة المنير

————————

المقالات والتقارير المنشورة بأسماء أصحابها تعبر عن وجهة نظرهم ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

 

التعليق