كم مرة أحس العراقيون بالألم يعتصر قلوبهم ؟!! وكم مرة أحس العراقيون أنهم لا يقدروا على البكاء ، لان دموعهم جفت ؟!! ولكن ألآلام ما تزال تسكن قلوبهم ، والحرقة تعصر قلبوهم .. ( خوفاً ، وهماً ، وحزناً ، وتردداً ، وقهراً ) ، هذه بعضا من أحاسيس العراقيين التي ربما أحسست بها يوما ما .. ولكن لا أحد يدري بمشاعر العراقيين الدفينة التي لا تظهر إلى السطح ..
إذا كتب كل عراقي ما يحزنه ، وكل همومه ، وكل مشاكله ، ما مقدار الورق الذي يحتاجه ليكتب ويدون كل الهموم وكل الإحزان وكل المشاكل ؟!! العراقيون بحاجة الى من يستمع اليهم بصدق ليستشعروا بأنه يحمل همهم ومعاناتهم ليعمل على تذويبها وحلها .. صحيح أن التخلص من هذه الهموم بسهولة بها نوع من الخيال ولكن علينا كعراقيين أن نرسم الأمل للأجيال نحو مستقبل زاهر بعيدا عن منغصات السياسيين أصحاب المنافع الخاصة والحزبية .
لازال العراقيون يعيشون تحديات مفصلية في مسيرتهم ، تحديات أمنية واقتصادية وسياسية وثقافية ، وأصبح العراق مدخلا للصراعات ومحطاً للازمات في المنطقة التي تعاني أصلا من أزمات كبيرة وصراعات مفتوحة .
لقد نحرم الشعب العراقي من العيش بحرية وسلام ، نتيجة تكالب عليه القوى الشريرة والتكفيرية والإرهابية والفكر المنحرف وسلبت منه الأمن والأمان والعيش الكريم . فهب الشعب يقاتل جذور الانحراف التاريخي وإسقاطاته المعاصرة بمعركة قد تبدو طويلة وشرسة ، ويجب أن نعد لها ما نستطيع من قوة ومن تحالفات لتحقيق النصر النهائي . لم تنتهي معارك العراقيين فعندما تنتهي معركة يبدأ بخوض معركة أخرى مؤلمة وخطيرة وهي معركة الإصلاح ضد الفساد والمفسدين ومعركة بناء الدولة والمؤسسات ضد منهج بناء الأشخاص والذوات .
لقد زرعوا السياسيون العراقيون عوامل الإحباط لدى الشباب العراقي مما دفعهم إلى الهجرة إلى الخارج ، بعد أن أدركوا إن مساحات الأمل بدأت تضيق إمامهم ،فسبب إلى غرق الكثير منهم في مياه البحر ، فازدادت حرقة العراقيين على أبنائهم الذين هاجروا بسبب تصرفات اللامسؤولة من قبل بعض السياسيين الذين لا يعرفون كيف يقودوا البلاد .
لقد ازدادت حرقة العراقيين كذلك على تأخر السيد العبادي في تنفيذ حزمة إصلاحاته التي أطلقها ودعمته المرجعية الدينية وفوضه الشعب ، وانتظر الشعب تفعيل تلك الإصلاحات ولكن نجد أن السيد العبادي مكبل اليدين بتأثير التحالفات السياسية والحزب الذي ينتمي إليه .
قد يعتقد بعض السياسيين أن جذوة ثورة الإصلاح قد تخمد بتقادم الزمن ، ولكن المرجعية الدينية في خطبتها الأخيرة وعلى لسان الشيخ مهدي الكربلائي أكدت بأن التظاهرات سوف تستمر ، وأن الإصلاحات يجب أن تأخذ دورها في التطبيق .
لقد ضيعوا السياسيون العراقيون الكثير من الفرص الكبيرة كان بالإمكان أن تستثمر لبناء حياة أفضل للمواطن العراقي وبناء مؤسسات اقوى للدولة العراقية ، ولكنهم التهوا بالسرقة وضياع المال العام وهدره في مشاريع لا تجدي نفعا وفي صراعات فئوية ومذهبية وحزبية ضيقة والسماح بالتدخلات الخارجية وتضييع فرص كبيرة على وطننا وشعبنا من الصعب تعويضها .
أن حرقة العراقيين على وطنهم لا تخمد بإصلاحات هنا أو هناك بلا يجب أن تكون الإصلاحات في جميع السلطات التشريعية وأهمها السلطة القضائية التي سكتت على الفاسدين من الأولين والآخرين ، وسوف تستمر التظاهرات في كل المحافظات إلى أن نرى إصلاحات حقيقية مؤثرة على حياة العراقيين ، فالحكومة حصلت على دعم المرجعية الدينية والشعب ، فماذا تنتظر ؟!! تنتظر الشعب أن تتوهج حرقة ويذهب إلى عروش الفاسدين ويسحلهم في الشوارع كما فعل سابقا ، والعراقيون لهم تاريخ في سحل الفاسدين والخونة والفاشلين .. نذكر عسى أن تنفع الذكرى .