عاجل:
مقالات 2019-09-12 03:00 446 0

صبر القائد

إن من اشد الصعاب التي تواجه القائد لأيّ مشروع، هو عندما يقود أتباعه نحو هدف استراتيجي بعيد المدى. بمعنى أنه يقودهم نحو معترك صعب وخطير وكما يصطلح (يعبر بهم نصل

إن من اشد الصعاب التي تواجه القائد لأيّ مشروع، هو عندما يقود أتباعه نحو هدف استراتيجي بعيد المدى. بمعنى أنه يقودهم نحو معترك صعب وخطير وكما يصطلح (يعبر بهم نصل السيوف) لكي يحقق هدف مهم لاحقا، الطبيعي ان لا يفهم اغلب اتباعه عمق الهدف، وربما لا يتحقق في حياتهم..
فالقائد يمتلك تلك النظرة الاستراتيجية والمعلومات التي تمكنه من النظر بعيدا بخلاف الاتباع الذين يثقون به وبنظرته، ولذا اتخذوه قائد يثقون به وبرعايته للمبادئ.
سيدتنا ومولاتنا زينب عليها السلام لا يختلف اثنان انها كانت تعلم انها مقبلة على أمر بكته السماء والأرض، وهي تعلم ان اشقاءها وابناءها وأهلها سوف ينالون شرف الشهادة وسيفارقونها، وإنها من سوف تتحمل المسؤولية لكي تحفظ نسل آل محمد صلوات الله عليه أجمعين في إمامها زين العابدين عليه السلام، وان لا تضيع هذه الدماء التي أريقت وتستكمل المشروع.
ورغم عظيم صبر انصار الحسين عليهم السلام، إلا أنهم كانوا مستبشرين بما اختاروا، فهذا برير بن فضيل يمازح عبد الرحمن الأنصاري باشًّا هاشًّا ضاحكاً، فيقول له عبد الرحمن: ما هذه ساعة باطل. فيجيبه برير: "لقد علم قومي أنّي ما أحببت الباطل كهلاً ولا شابّاً، ولكنّي مستبشر بما نحن لاقون، والله ما بيننا وبين الحور العين إلّا أن يميل علينا هؤلاء بأسيافهم، ولوددتُ أنّهم مالوا علينا الساعة".
أما من بقي بعد المعركة يتجرع الصبر وهو يرى شرار خلق الله يتفنون في تقديم الإهانة لهم من شتائم وضرب ويسترخصون دماءهم وينكلون بمبادئهم، ورغم كل تلك الأجواء، كان عليها ان تتحمل المسؤولية وتتولى حفظ المشروع الإلهي والقائد الإمام زين العابدين عليه السلام ، وان تحفظ عيال محمد وآل محمد صلوات الله عليهم ، وان لا تترك المستحبات فضلا عن الواجبات، ومثل هكذا قائد يصفه الامام زين العابدين عليه السلام بقوله مخاطبا عمته زينب عليها السلام : ( أنتِ بحمد الله عالمة غير معلمة، وفهمة غير مفهمة..)
فكم علينا شيب وشباب ان نتعلم من القائد زينب الكبرى بنت علي بن ابي طالب عليهما السلام معاني الصبر، وعندما ندركها سوف نفهم مرارة الصبر الذي يتجرعه امامنا صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه وسهل مخرجه.

التعليق