يتفق الجميع أن العراق جزء مهم من المنظومة الإقليمية ويتأثر بما تتأثر به المنطقة ويؤثر بقدر حجم وجوده وأهميته وفقا لمبادئ الجوار الإقليمي والدولي وبعيدا عن سياسات الأنظمة السابقة التي حاولت خلق حالة من التوتر والعزلة بين العراق وجيرانه باصطناعها لمبررات غير معقولة نتيجتها تدهور العلاقات الثنائية بين العراق والمجتمع الدولي بشكل عام ألا أن مبدأ الحوار والذي تتبناه بعض القوى السياسية المشاركة في النظام السياسي الجديد ولد ثنائية مقبولة صنعت على ضوءها العلاقات المتبادلة لتعزز أسس العملية السياسية وتشعر الشعب بانتمائه الحقيقي لتلك المنظومة التي يمثل حيز كبيرا فيها وخلال تلك المساعي والتجاذب السياسي تبرز أرادة الشعب لتفرض وجودها قوة من اجل تدعيم النظام السياسي باعتبار أن الجمهور العراقي هو صانع النظام الديمقراطي الجديد والذي يبتعد عن سيطرة الديكتاتوريات والتدخل الخارجي الذي يأتي عن طريق الاملاءات الخارجية التي تصنع نظام تابع وضعيف لا يستطيع مستقبلا النهوض بالواقع العراقي بكافة جوانبه وان أهمية العراق ومحاولة اغلب الدوائر السياسية التدخل في شانه تأتي من أهميته الإستراتيجية التي ولدت فيه صراع الارادات الدولية والإقليمية على حد سواء ومع رفض الشارع العراقي لهذه الحالة كونها تسلب العراق سيادته وتضعف حكومته وتأجج المشاكل بين قواه السياسية وهذا ما يوجد حكومة ضعيفة لا تستطيع تبني المشاريع الإستراتيجية التي تبني دولة على مخلفات وتركت نظام بائد وسنوات عجاف ليأتي بعض الدول المتنفذة لتفرض حالة من الغزل السياسي مع بعض القوى السياسية والتي رفضت بعضها هذه السياسة كونها أفرزت عجز أمريكا بحد ذاتها من فرض مشروعها في العراق وقصر رؤيتها في دراسة الواقع السياسي الحقيقي كما فشلت في أول وهلة عام 2003 حينما اصطدمت بنفوذ وتأثير المرجعية الدينية على الشارع العراقي بمختلف طوائفه تجدها اليوم في حالة خيبة أمال من عدم تركها الشأن السياسي لساسة العراق في اتخاذهم القرار السياسي المستقل ومما اظهر لجميع المراقبين عدم قدرتها على ذلك رغم مساعيها الحثيثة بالخروج من المأزق العراقي بصيغة مرضية تضمن استطاعة الإدارة الأمريكية الحالية من استيعابها إيجاد حالة التوافق الوطني الحقيقي وهذا السعي يكشف عن مشروع أمريكي يسعى القائمون عليه بالحيلولة دون وجود كتلة ذات هوية شيعية تمثل غالبية الطيف العراقي وكان هذا المسعى واضحا قبل أجراء الانتخابات المحلية عام 2009 وظهر جليا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة وكان الهدف منه محاولة لسحب البساط من تحت أقدام المرجعية الدينية بتقديم كيان شيعي بعيد عن توجهات مرجعية النجف الاشرف وأيضا لأبعاد القوى السياسية التي تمثل التيار الإسلامي الشيعي الحقيقي عن الساحة السياسية لتمييع المطالبة بحقوق الأغلبية العراقية الوطنية ورغم نجاحها في بعض من مسعاها ألا أن هذا المشروع لا يستطيع تحقيق كافة المأرب في الوقت الحالي لوجود عدت معطيات مؤثرة لا تخضع لضوابط التدخل الخارجي والاملاءات المبطنة وبذلك محاولة لجمع الأضداد في حكومة عراقية ضعيفة وغير قادرة لتحمل جميع المسؤوليات لاسيما في المجال الأمني والخدمي وإظهار بشكل واضح تأييد هذه الحكومة وتبعيتها للإدارة الأمريكية ويبدو أن هذه السياسة التي يسعى لتحقيقها الجناح الديمقراطي في إدارة الولايات المتحدة هو صناعة أداة تابعة له وغير قادرة على تحقيق المشروع السياسي العراقي.